مائة عام على نهاية الولايات المتحدة العثمانية

مع كتابة  هذه الحروف تمر مائة عام بالضبط ، بالتمام والكمال على الحرب العالمية الأولى ، ومن 1914 إلى 2014 ، يتشكل عالمنا ، بين محاربين وسياسيين ، الشكل الجميل يمهد للقتل الجميل ، ثم لخرائط جديدة تحدد مستقبل الأمم .. !!

a3

أعطتنا هذه الحرب شكل دولنا الحالية ، نحن لا نعرف هذه الحدود قبل تلك الحرب ، كانت مسميات لمناطق ومدن ، لا نعرف لماذا هناك تركي و عراقي وسوري وأردني وفلسطيني بينهم حدود ، وهناك سعودي ويمني ومصري وجزائري بينهم حدود !! فقد كنا كمنطقة عربية نتبع للخلافة العثمانية جميعنا كذلك ، سنتنا وشيعتنا وعربنا وكردنا ومسيحيونا ويزيديونا ويهودنا وصابئتنا ، لكن الحرب قطعت ذلك الاسترسال ، وصرنا بعد الانفصال الذي أحدثته ” الثورة العربية الكبرى ” برعاية بريطانية تامة ، صرنا دولا عديدة ومشارب متنوعة ، ثم ضاعت فلسطين بالتتابع .

من حولك تجد العالم الجديد ، تجد ” الولايات المتحدة الأمريكية ” لاحظ كلمة ” متحدة ” يعني تجمعت ، وتجد ” الاتحاد الأوربي ” لاحظ كلة اتحاد يعني يتجمع ، وكذلك روسيا تحاول إعادة ” الاتحاد السوفيتي ” بينما منطقة ما بعد ” الخلافة العثمانية ” ممنوع عليها أي اتحاد إطلاقا ، منع عالمي منذ الحرب العالمية الأولى .

هل ترون العلم العراقي القديم والسوري الحالي التابع للنظام ، ثلاث نجمات وفي الآخر نجمتان ، كانت ترمز لتوحد مصر والعراق وسوريا ، لكنها شعارات لم تتم أبدا . لأن ذلك ممنوع ، ممنوع أن تتحد مناطق ما بعد ” العثمانيين ” حتى حزب البعث ” في سوريا والعراق” حزب واحد وفكر واحد ، لكن استعصى عليه جعل سوريا والعراق بلدا واحدا ، وذاك أن الأمر ممنوع .

لو رجعنا للتاريخ والحاضر سنجد أن معظم الحروب قامت بقصة صغيرة ، كالحرب العالمية الأولى ، شاب طائش يقتل حاكما فتتحرك بعدها الجيوش وتتغير أمم ودول وخرائط ويقتل نحو عشرة ملايين إنسان .

الثابت أن كل حرب قامت أولى وثانية وحروب بينية ، كانت تبدأ بقصة ثم بالسلاح والبنادق ثم تنتهي بمجموعة يلبسون ربطة العنق أو ثياب الدبلوماسية ليضعوا الحل الأخير .

هو الحل الذي يوقف البنادق ويكون فيه مصلحة طرفين معا ، أو تقليل معنوي لخسائر طرف ما مقابل أرباح أقل لطرف آخر .

وقصتنا في العراق وسوريا ودول الربيع العربي شبيهة بالحرب العالمية الأولى والثانية وما تلاها من ثورات ، لأن أي متفحص لسير الفوضى في المنطقة يعلم أننا أمام تشكل خرائط جديدة ، هذه الخرائط تخص العراق وسوريا ثم ستركض نحو الخليج ثم تعبر المياه وتصل مصر والمغرب العربي في ليبيا وغيرها .

ليس مهما التدقيق في الحادثة الصغيرة الأولى ، أو لماذا بدأت القصة ، هل كانت بحرق البوعزيزي نفسه في ساحة تونسية فقيرة ، أم بدخول داعش على الموصل ، أم باحتلال أمريكا العراق ، في علم السياسة أن التاريخ يجعلك تفهم ، لكنه لا يعطيك تميزا سياسيا ، الارض وحدها ونقاطك هي التي تمنحك التفوق .

سننتظر الحروب والمعارك القادمة ، ومقتل الملايين في سبيل تغيير تلك الخرائط ، لأن الشعوب تركت الأمر بيد السلاح وأهل السلاح ، بين قادة الجيوش وقادة التطرف ، فوضعت منطقتنا في دوامة ستدمر بلادنا واحدة بعد الأخرى ، وتضاعف مهجرينا وتحرمنا من التنمية لأعوام مديدة .

الشعوب هي أضعف اللاعبين في القصص الكبرى ، ويضعف دور الشعب كلما تفرق ، ويضعف أكثر كلما تقاتل ، ويضعف أكثر كلما فكر بتقسيم نفسه إلى شعوب أقل .
الحروب والمعارك هي من يصنع ساحة التفاوض للخرائط الجديدة ، وأصحاب ربطة العنق هم من يوقع بالنيابة عن الصراع في الأرض .

عمر الفلوجي

أضف تعليق